الجمعة، 20 أبريل 2012

بحيرة المنزلة تتعرض للردم والتجفيف.. 652 مليون لتر صرف صحي تلقى سنويًا بها و80% من الصيادين تركوا البلاد بسببها



في الوقت الذي تعاني فيه مصر من أزمة في الغذاء، وخاصةً في مصادر البروتين الحيواني؛ بسبب تفشي أوبئة إنفلونزا الطيور وطاعون البقر والحمى القلاعية، يصبح الملاذ الوحيد في الثروة السمكية، إلا أن بحيرة المنزلة، والتي تعد أكبر بحيرات مصر الشمالية ذهبت في "خبر كان".


فمن بين البحيرات الأربع "مريوط - ادكو - البرلس- المنزلة " تتداعى منذ السبعينيات وحتى اليوم بحيرة المنزلة - أكبر البحيرات المصرية على الإطلاق - ويتم إعدامها لحظة بلحظة ويومًا بيوم وكأن قدرها السيئ أن تقع بين محافظات خمس "بورسعيد - الإسماعيلية - الشرقية- الدقهلية - دمياط".
فبدلاً من أن تقوم تلك المحافظات برعايتها والاهتمام بها على أساس أنها أكبر البحيرات إنتاجًا للسمك إذ يبلغ إنتاجها السنوى 60 ألف طن بنسبة 35% من إنتاج البحيرات الشمالية والذى يقدر بــ172 ألف طن سنويًا إذ بتلك المحافظات والوزارات المعنية وغير المعنية "تهيل عليها التراب فأعمال الردم تجرى على قدم وساق والتجفيف يقتطع منها مساحات شاسعة مع العمد وسبق الإصرار.

ومن المشاكل التى تعانى منها بحيرة المنزلة والتى أدت إلى تقلص مساحتها بنسبة كبيرة وأثرت على إنتاجها السمكى تعرضها المستمر للتلوث بأنواعه وعدم كفاية الفتحات والقنوات المغذية للبحيرة بالمياه المالحة والتعدى على المسطح المائى بإقامة الأحواش والسدود وانتشار النباتات المائية والصيد المخالف وصيد الزريعة. 

وربما تظهر أبشع صور الثلوث فى تخلص خمس محافظات من مياه الصرف الصحى والذى تبلغ جملته 652 مليون متر سنويًا لتلقى بها فى بحيرة المنزلة وهذه المحافظات هى الدقهلية وبورسعيد ودمياط عن طريق مصرف بحر البقر والذى تقدر كميات الصرف منه إلى البحيرة بنحو 1.7 مليون متر كذلك مصرف فاقوس ومصرف بحر جادوس والبحر الصغير - ترعة الشرقاوية-مصرف العناترة بدمياط وأولاد حمام ومصرف رمسيس ومحطات ضخ السرو والمطرية وفارسكور.

الأخطر من ذلك هى مصادر التلوث من الصرف الصناعى، حيث تصب فى بحيرة المنزلة مخلفات 42 شركة ومصنعًا بالمحافظات، إضافة إلى الصرف الزراعى بما يحمله من بقايا المبيدات والأسمدة الكيماوية المستخدمة فى الزراعة. 

وقد أكدت نتائج التحاليل التى أجرتها بعض المراكز العلمية وجود أملاح الزئبق وأملاح الزنك فى مياه البحيرة وفى اسماكها بنسبة عالية مما تسبب فى موت الكثير من الأسماك وأصيب المتبقى منها بالتسمم وأصبح غير صالح للاستهلاك الآدمى.


يقول عبدالمنعم مصطفى "صياد" أبلغ من العمر 50 عامًا متزوج ولدى خمسة أبناء أصبحت صيادًا بالوراثة بحيرة المنزلة بها رزقى وقوت أولادى، كان الرزق فى الماضى كثيرًا والآن أصبح شحيحًا لدرجة أننى بالكاد اصطاد ما يسد رمق أسرتى، لقد ردموا البحيرة، وما تبقى منها يسيطر عليه الصيادون (الغيلان) الذين يمتلكون القوارب الحديثة ويصطادون حتى الزريعه ولا يبقى لنا شيئا ".


ويؤكد جمعة محمود - صياد كانت الأيام الماضية جميلة كنت أنزل إلى البحيرة بقاربى الصغير واصطاد السمك بكميات كبيرة وفى وقت قصير الآن من أول الفجر حتى آخر النهار لا أصطاد إلا أقل القليل من السمك كنت عندما آراهم يردمون جزءًا من البحيرة كأنهم يقتطعون جزءًا من لحمى ولحم أولادى، لم يبق لدينا شئ من البحيرة حتى ما تبقى منها لم يعد لنا فهناك من الصيادين من يصطادون السمك الصغير ويستخدمون شباكًا ذات ثقوب ضيقة وهذا مخالف للقانون لكن شرطة المسطحات المائية إذن من طين وأخرى من عجين.


أما محمد فتح الله صياد فيقول ما نصطاده اليوم من بحيرة المنزلة برغم قلته لم يعد له زبون فقد عرف كل الناس أن السمك بها أصبح مسمومًا نتيجة تلوثها بالصرف الصحى فكيف يقبل المستهلك على سمك ملوث بالصرف الصحى ألم يجدوا غير بحيرة المنزلة ليلقوا بها قذارتهم.
والأدهى والأمر أن كل يوم يقيمون مشروعات خاسرة فوق أرض البحيرة كأن الدنيا ضاقت بهم فلم يجدوا غير البحيرة ليردموا أجزاءً منها وأين نذهب نحن وبالتأكيد فإن المسئول الذى يامر بردم جزء من البحيرة لإقامة مشروع لا يعرف المعاناة التى نعانيها، نحن الآن لا نجد قوت يومنا فلمن نشكو ولمن نذهب؟.


وحول الآثار المترتبة على الوضع الحالي للبحيرة أكد أحد المسئولين بالثروة السمكية في الدراسة التي أعدها حول أوضاع بحيرة المنزلة- أن تدهور البحيرة أدَّى إلى حدوث خلل اجتماعي، وتفكيك في أسر الصيادين؛ حيث هجر أكثر من 80% من الصيادين بلادهم، وذهبوا إلى اليونان وسواحل إيطاليا، أو هاجروا هجرة داخلية إلى السويس.


هذا وقد اجمع الصيادون البسطاء فى مطالبهم على أن يتم فورًا وقف جميع التعديات على بحيرة المنزلة وعدم السماح لأى وزارة أو محافظة أيًا كانت دواعيها ومبرراتها بردم أو تجفيف أى مسطح مائى من البحيرة.
كما طالبوا بوقف أى مصدر للتلوث يتم صبه فى البحيرة مثل الصرف الصحى فى محافظات الدقهلية وبورسعيد ودمياط، وكذلك وقف ضخ المخلفات الصناعية من الشركات والمصانع المطلة عليها مع تطهير البوغازات والفتحات الخمس التى تربط بين البحيرة والبحر المتوسط لتجديد المياه بشكل مستمر.
كما ناشدوا شرطة المسطحات المائية مطاردة جميع الصيادين المخالفين للحفاظ على الزريعة وضمان نمو الثروة السمكية فى البحيرة وأهابوا بالمسئولين الإسراع بتطبيق تلك الإجراءات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بحيرة المنزلة التى تتعرض حاليًا للاغتيال ولا أحد يبالى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق